افتتح السيد رضوان المصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، الندوة مؤكدا على أهمية إنجاح الانتخابات لإنجاح المسار الديمقراطي في تونس وهو تحدي للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين والهيئات المختصة لضمان مصداقية الانتخابات ونجاحها. كما قدم النداء الذي أطلقه المركز لحماية الانتخابات وإنجاح المسار الانتخابي ذلك أن
الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة تشكل محطة مفصليّة لحماية الانتقال الديمقراطي من التوقف أو الانتكاسة. لهذا يفرض الواجب الوطني على الجميع بذل أقصى الجهد لتجنب الانزلاق في كل ما من شأنه أن يفسد المناخ السياسي، أو تعفين الأوضاع بشكل يجعل المنافسة بين المرشحين تجري في أجواء محتقنة من شأنها أن تخلف وراءها تداعيات سلبية وخطيرة على الجميع ومن هنا كانت الدعوة للتوقيع على النداء من مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع. وتمت بعد ذلك إحالة الكلمة للمتدخلين في الندوة.
قدم السيد عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلف بالاتصال، المداخلة الأولى، حيث أشار إلى أن الانتخابات القادمة محددة دستوريا (استحقاق دستوري) ذلك أن سنة 2019 تعتبر سنة انتخابية بامتياز. كما شدد على دور الهيئة المتمثل أساسا في التنسيق بين جميع المتدخلين في هذا المسار وتوفير كل الموارد اللوجستية والمادية مؤكدا على أن الترسانة القانونية جاهزة لانجاز الانتخابات. وتناول السيد عادل في سياق حديثه دور الهياكل العمومية بما في ذلك المؤسسات الإعلامية ذلك أن الإعلام يعتبر شريكا فاعلا في الاستحقاق الانتخابي ويجب أن يكون محايدا حتى يضطلع بهذا الدور بنجاح مع احترام قواعد واخلاقيات المهنة من خلال ضمان تغطية إعلامية موضوعية طيلة الحملة الانتخابية. كما أكد على دور المجتمع المدني باعتباره شريكا مهما في المسار الانتخابي.
المداخلة الثانية للسيد نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحزب حركة النهضة، أكد فيها على أهمية الحدث الانتخابي كحدث منتظر في تونس وضرورة أن يكون مدخلا لحل أزمة الحكم القائمة في بلادنا لا لتعميقها فالانتخابات هي تجذير للديمقراطية وترسيخ لها. كما تحدث عن الإعلام باعتبار دوره الأساسي في دعم التجربة من خلال ضمان الموضوعية. وفي هذا الإطار، تحدث السيد نور الدين عن المشاكل الحقيقية في بلادنا والتي يجب أن تقدم البرامج الانتخابية حلولا لها للعمل عليها في المستقبل فمقاومة الفقر والبطالة ومقاومة الفساد والتنمية هي مطالب المواطنين الأساسية في هذا الوضع الراهن.
ثم احيلت الكلمة للسيد عصام الشابي حيث استهل مداخلته مؤكدا على أهمية ضمان أن تتم الانتخابات في هذه السنة وضرورة أن يحافظ رئيس الجمهورية على دوره كرئيس لكل التونسيين بعيدا عن التجاذبات الحزبية التي يقحمه بها حزبه مؤخر ومشددا على دور رئاسة الحكومة في ضمان الاستقرار في البلاد. ووضح انه في الأعراف الانتخابية، لا يمكن أن تقوم هيئة انتخابية بتغيير القانون الانتخابي في أي نظام ديمقراطي قبل ثلاث أشهر من تقديم القوائم الانتخابية. كما نوّه بضرورة الوقوف جميعا ضد الفوضى في عملية سبر الآراء المعتمدة كعملية توجيه وصناعة للرأي العام وذلك من خلال مشاريع قوانين طالبت بتنظيم هذه العملية. ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة تدخل الهيئة معنويا والاضطلاع بدورها الوطني والتاريخي لما لهذه الظاهرة من مس من مصداقية وشفافية الانتخابات. كما أكد على دور الهيئات الإعلامية (الهايكا) في ضمان موضوعية الإعلام وعدم الانحياز لأطراف سياسية على حساب أطراف أخرى.
تناول السيد الياس الفخفاخ في مداخلته شروط إنجاح الانتخابات وهي ضمان المشاركة ونزاهة العملية الانتخابية لقبول نتائجها. وتحدث أيضا عن صعوبات تنفيذ البرامج الانتخابية المقدمة من طرف الأحزاب وكيف تؤدي إلى خيبة أمل لدى المواطنين وبالتالي فقدان الثقة في الأحزاب السياسية وهو ما حدث في العديد من البلدان وليس في تونس فقط نظرا لدور وتأثير المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على سياسات الدول المنتمية لها والمتعاملة معها. وشدد السيد الياس على دور الهيئات الدستورية في تكريس نزاهة العملية الانتخابية من خلال الرقابة لتفادي التجاوزات والمغالطات للعملية الانتخابية. وأشار أيضا إلى ضرورة اجتهاد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في التصدي للظواهر الخاطئة التي تؤثر على المواطنين من خلال جمعيات ساعية بشكل واضح إلى السلطة مثل "عيش تونسي" و "خليل تونس" والتي يتم استغلالها كمطية للمشاركة في الانتخابات. واختتم مداخلته بالتأكيد على أهمية أن يكون لمؤسسات الدولة دور فعال في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل الانتقال الديمقراطي في تونس.
قدم السيد محمد الغرياني، نائب رئيس حزب المبادرة، المداخلة الرابعة مؤكدا على ما لآلية الانتخاب من مساهمة كبيرة في حماية المسار الديمقراطي في بلادنا. كما حدد شروط إنجاح الانتخابات وهي أساسا الحرص على تطبيق القانون الانتخابي ودور الهيئات الدستورية ومراقبة الشفافية المالية مع ضمان وقف التوظيف السياسي لعمليات سبر الآراء. ثم تناول موضوع مستوى الإعلام ودوره في تكريس شفافية المسار الانتخابي من خلال العمل على تقديم محتوى موضوعي. وعلى المستوى السياسي، أكد على الحاجة الملحة لإرساء ميثاق أو مدونة سلوك سياسية توفر شروط تعايش سياسي يحترم القيم والمبادئ. كما دعا إلي ترشيد الرأي العام والتفكير بجدية في الظواهر التي تكرس الشعبوية ولا تخضع للقوانين المعمول بها لتفادي الأزمات التي يمكن أن تنتج عنها.
المداخلة الأخيرة للسيد رامي محفوظ، عضو المكتب السياسي لحزب نداء تونس، واستهلها بتثمين التداول السلمي على السلطة منذ ثورة 2011. وأشار أيضا إلى أن موضوع تأجيل الانتخابات مازال مطروحا وبشدة مؤكدا أن تونس في الوضع الراهن تحتاج إلى تكريس برامج ورؤى وأفكار تنموية ذلك أنها تشهد حاليا مناخا عاما متأزما نتج عنه تعطيل العمل والاستثمار وهو ما اثر علي نفسية المواطن التونسي مما أدى إلى فقدان ثقته في الأحزاب السياسية وفي برامجها التي لم تنفذ على ارض الواقع، مؤكدا أن احترام الشعب وتطلعاته من شروط اللعبة السياسية ومن قواعدها الأساسية. كما تحدث عن فقدان الإعلام للمصداقية في الخطاب من خلال "تدجينه" لصالح أطراف سياسية معينة. وشدد السيد رامي في مداخلته على ضرورة تكريس المحكمة الدستورية كضامن لعلوية الدستور وبالتالي فهي إحدى أسس نجاح المسار الانتخابي.
اثر المداخلات، تمت إحالة الكلمة للحضور لطرح الأسئلة والنقاش حول الموضوع فتم طرح العديد من النقاط منها كيفية تنظيم الانتخابات في ضل مناخ عام لا تتوفر فيه شروط إنجاح الانتخابات ومدى استجابة المشهد الإعلامي الحالي الذي تسيطر عليه مساعي لمغالطة الرأي العام لتحدي هام مثل ضمان إنجاح المسار الانتخابي. كما تمت الإشارة إلى ضرورة تطبيق الإجراءات الردعية للهيئة في إطار القانون وتفعيل آلية الرقابة. واختتمت الندوة بدعوة لضرورة تظافر جهود الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئة العليا المستقلة للانتخابات كشرط أساسي لإنجاح الانتخابات القادمة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire